القيم لن تموت

القسم: عام
عدد المشاهدات: 2374

بقلم: محمد أحمد

في الوقت الذي يعتقد فيه بعض ضحايا الاستلاب الثقافي أن الربح والمصلحة الشخصية فوق كل شيء، وأن التعلق بالقيم والمبادئ موضة قديمة لا تواكب طبيعة العصر المادية، إلا أن هذه الثقافة المادية تتعرض لتحديات قيمية تنتصر فيها روح القيم في كثير من الأحيان على الروح المادية.

ومن أمثلة ذلك ما نسمعه عن استقالة بعض الموظفين في دول غربية من شركات عملاقة يحصلون فيها على مرتبات خيالية بسبب انتهاج هذه الشركات لسياسات تتعارض مع القيم الأخلاقية التي يؤمنون بها، فقبل أشهر أشارت تقارير صحفية إلى استقالة عشرات الموظفين في شركة "جوجل" بسبب تعاون الشركة مع الجيش الأمريكي في مشروع تجسس، واضطرت جوجل إلى انهاء تعاقدها مع البنتاغون، رغم أن المشروع يوفر للشركة أرباحاً هائلة.

وفي سياق متصل نشرت صحيفة "التليجراف" أن 200 من موظفي جوجل استقالوا احتجاجا على تغطية الشركة على جرائم التحرش الجنسي بعدما أقرت جوجل بدفع أموال لتعويض نساء تعرضن للتحرش الجنسي أثناء العمل لدى الشركة مقابل عدم رفع النساء لقضايا أمام القضاء.

وأكدت دراسات ميدانية أن الكثير من أبناء جيل الألفية الجديدة أكثر حرصاً من الأجيال السابقة على إحداث تأثير إيجابي في المجتمع من خلال عملهم، وأنهم على استعداد للتضحية من أجل القيم ولديهم استعداد على ترك وظائفهم في شركات يتقاضون فيها مرتبات أعلى إذا كانت سياسة هذه الشركات تتناقض مع القيم والمبادئ ويفضلون العمل في شركة تتبنى نفس القيم التي يؤمنون بها ولو براتب أقل.

وتشير الدراسات الميدانية في الدول الغربية أن تقبل ظاهرة الإسلام فوبيا والشعوبية والكراهية عند أجيال المراهقين والشباب أقل بكثير من أجيال الكبار.

 وفي جميع الأحوال فإن الانتصار للقيم هو الخيار الأسلم للإنسان العاقل سواء قل من يلتزمون هذا الخيار أو كثروا فالعبرة في الأخلاق ليست بالكثرة والقلة.

 وما يجب تأكيده أن الخسارة المادية التي يقبل الإنسان التضحية فيها في سبيل القيم يكسب في مقابلها نفسه وراحة ضميره وتحقيق ذاته الإنسانية وهذه الجواهر لا يمكن شراءها بكل كنوز الأرض.