الشخصية المتوازنة

القسم: عام
عدد المشاهدات: 3551

بقلم د. شوكت طه طلافحة

يختلف المربون من آباء وأمهات ، في الهدف النهائي لعملية التربية ، اذ يعد بعضهم التفوق الدراسي هو أبرز صفةُ يسعى إليها ، وآخرون يرون أن الطفل لن يحلق في سماء الإبداع ، والنجاح ، إلا بجناحي العلم والخلق ، في حين يذهب غيرهم إلى أن البعد الاجتماعي هو الغاية والمطلب .

فيما يصر بعض المربين إلى أن المطلوب هو بناء شخصية قوية تستطيع مواجهة التحديات والضغوطات أيًا كان نوعها ومصدرها ، وكل هذا ولا ريب مطلوب ، وينبغي للمربين أن يسعوا إليه ، وأن يراقبوا نموه في شخصية الأطفال على مر الأعوام .

ومن وجهة نظري الخاصة ، فإن الشخصية المتوازنة هي المنتج النهائي للعملية التربوية ، التي تركب من كفايات معرفية جيدة ، ومهارات حياتية نافعة ، وملكات اجتماعية مؤثرة ، شخصية يوازن فيها المربي بين العقل والجسد والروح ، فللعقل غذاءه ، وللجسد احتياجاته ، وللروح أشواقها ، فإذا سعى المربي أن يملك أبناءه الحد الأدنى من كل هذه المقومات ، فإنه ساهم بتشكيل لبنة قوية في المجتمع ، عبر إنسان خلوق نافع ماهر .

فاختبار المدرسة ومتابعة مخرجات التعليم فيها والتي يراها بشكل مباشر على ولده ، يجعل المربي بشكل مستمر متابع ومراقب للجانب المعرفي ، وباشتراك الطفل في الأنشطة المدرسية والمجتمعية ، مهما كان حجمها أو تبدو بسيطة ، قد لا تتجاوز أحيانًا مساعدة الوالدين في بعض أعمال المنزل ، تكسب الأطفال مهارات حياتية يتكئون عليها في مشوار حياتهم الطويل .

 أما التوجيه الديني والأخلاقي الذي هو غذاء الروح ، به تسمو الشخصية وتحفظ الجوارح ، ينبغي أن يكون له مساحة واسعة ، تعطى على شكل جرعات مختلفة الشكل بعيدة عن التكثيف ، فتارة على شكل قصة ، وأخرى مسابقة ، وثالثة سؤال للنقاش ، ومرة مشاهدة لمقطع مرئي ، وأخرى لموقف القدوة العملي ، وهكذا تثبت القيم والمعارف الدينية بطريقة تراكمية سهلة سلسة.

وبتعريض الأطفال لمواقف اجتماعية متعددة مع الأهل والأصحاب ، فإن الجانب الاجتماعي فيهم ينمو ويزهر ، مع مراعاة تجنب الضغط على الأطفال أو المراهقين اذا بدت منهم سلوكيات منبعها الخجل .

ختامًا إن مراعاة ما تقدم ، وغيره من فنون التربية ، سيصل بنا إلى شخصية متوازنة ، يرضى عنها ربنا سبحانه ، بارة بأهلها ، وفية لوطنها ، نافعة لمجتمعها .