عن التجربة اليابانية في تدريس الأخلاق

القسم: عام
عدد المشاهدات: 3639

بقلم: محمد أحمد

أمرنا ديننا الحنيف بأخذ الحكمة من أي مصدر كان، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، ومن يؤتيه الله الحكمة فقد آتاه خيراً كثيرا ، ومن قبيل الحكمة التي تستحق الدراسة والاحتذاء بها الحكمة اليابانية في تدريس الأخلاق، فمنذ عام 2018 اتخذت اليابان قراراً بإدماج التربية على الأخلاق في المنهج الدراسي بصورة إلزامية بعد أن كانت التربية على الأخلاق تربية اختيارية، وبهذا القرار أصبحت مادة"دووتوكو" أو الطريق إلى الأخلاق مادة إجبارية من الصف الأول الابتدائي إلى السادس الابتدائي ولها درجات نجاح ورسوب وتأثير على المعدل العام للطالب وعلى مستقبله الوظيفي في مرحلة لاحقة.

وتتهتم هذه المادة بتحديد المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الفردي في المجتمع، ونظراً لأهمية هذه التجربة ظهرت بعض الدعوات لتقليدها في بعض الدول العربية، والاستفادة من التجارب أمر محمود ولكن كيف تكون هذه الاستفادة؟ مما يؤسف له أن بعض وزارات التربية العربية في الوطن العربي قررت الاستعاضة بالتربية الأخلاقية عن التربية الإسلامية بدلاً من التفكير في توظيف التربية الإسلامية في تعزيز الأخلاق، وهذا يعكس جهل هذه القيادات التربوية بأهمية توظيف الموروث الروحي والعقدي لهذه الأمة في إحياء القيم والأخلاق، لأن محاولة استنبات قيم وأخلاقيات لا تستند على العقيدة الإسلامية محكوم عليها بالفشل لأنها تفتقد لمرجعية الإلزام الداخلي الذاتي، فالضمير الأخلاقي المرتبط بالضمير الإيماني يمتلك الكثير من الحوافز التي تدفعه إلى تمثل السلوك الإيجابي ولا ينتظر على هذا السلوك جزاءً ولا شكوراً فهو يفعل ذلك ابتغاء مراضاة الله وليس لمجرد النجاح في الامتحان أو الخوف من العقوبة على مخالفة القانون أو نحو ذلك.

وتعيش اليوم الفلسفة الغربية في مرحلة ما بعد الحداثة وانهياراً حقيقياً وذلك لوجود أزمة حادة في البحث عن مرجعية مادية للأخلاق خارج السياق الديني، وبدأت تظهر دعوات جديدة لتأصيل القيم الإنسانية تأصيلاً دينياً حتى لا تجرفها رياح المادية النفعية البرجماتية ولا تكون المصلحة هي المؤثر الوحيد في في تحديد بوصلة القيم